شهدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عبر الأعوام القليلة الأخيرة حالة من النمو والتطور المذهل أدي إلى حدوث ثورة هائلة غيرت من أنظمة العمل وممارسة الأفراد لأنشطتهم وحتى في علاقات بعضهم البعض. ليس هذا فقط بل أدي هذا النمو والتطور المتسارع إلى تغيير شكل الاقتصاد العالمي وساهم بصورة مذهلة في خلق ونشوء مجتمع المعلومات الديناميكي الذي نشهده في عالم اليوم.
في عام 1998 بادرت هيئة الأمم المتحدة بطرح فكرة عقد قمة عالمية لمجتمع المعلومات (WSIS). لقد وجدت الأمم المتحدة أن هناك حاجة ملحة الآن لاتخاذ كافة السبل اللازمة لتحقيق الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بين كافة بلدان العالم علي قدم المساواة وخصوصاً بعد تزايد الفجوة بين البلاد النامية والبلاد المتقدمة في مجال التكنولوجيا الرقمية. ومن هذا المنطلق قام اتحاد الاتصالات الدولي (ITU) تحت رعاية كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة باتخاذ الخطوات اللازمة لعقد قمة مجتمع المعلومات العالمي (WSIS) وذلك علي مرحلتان: المرحلة الأولي هي قمة جنيف في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر والثانية قمة تونس في 2005.
أن الدور الهام والحيوي الذي أصبحت تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أجندة العالم السياسية والاجتماعية والثقافية الآن تجعل من قمة المعلومات المرتقبة فرصة فريدة أمام المجتمع العالمي كله لتبادل الخبرات والتجارب والتعرف علي أفضل السبل والأنظمة التي توفرها هذه التكنولوجيا. علاوة علي ذلك سوف يكون أمام البلدان النامية فرصة فريدة لأن تطرح مبادراتها الخاصة وتشارك في المناقشات الهادفة لتبني أجندة كونية عالمية واحدة.
وكانت الفترة الماضية قد شهدت انعقاد سلسلة دورية من الاجتماعات والمؤتمرات العالمية والإقليمية والمحلية في أجزاء وأماكن عديدة من العالم للتحضير لمؤتمر قمة المعلومات المرتقبة في جنيف. وقد أحتشد الخبراء والممارسين البارزين في مجال المعلومات والاتصالات ومن كافة الهيئات المدنية حول العالم من أجل صياغة خطة عملية تسعي لتحقيق الأهداف المرجوة من إقامة مجتمع المعلومات العالمي. هذه الخطة تهدف أيضا إلى مراعاة اهتمامات كل المساهمين وتساعد علي خلق إطار عام من الالتزامات السياسية القوية بإقامة مجتمع المعلومات العالمي المنشود.
وقد شاركت مصر مشاركة فعالة في مراحل التحضير لقمة المعلومات سواء علي المستوي المحلي أو الإقليمي أو حتى المستوي العالمي. أحد هذه المشاركات البارزة استضافة مصر في شهر يونيو الماضي المؤتمر العربي التحضيري لقمة المعلومات والذي كان يهدف إلى صياغة خطة عربية تنفيذية تشمل تلك القضايا والمطالب التي تمثل أهمية قصوى للعالم العربي من وراء انعقاد قمة المعلومات. وقد تم اعتماد وثيقة هذه الخطة من مجلس الوزراء العرب وتم عرضها في المراحل التمهيدية والتحضيرية لقمة جنيف.
علاوة علي ذلك شهدت مصر أيضاً حدث مشابه تم تنظيمه بغرض إعداد موقف موحد للقارة الأفريقية وحول القضايا ذات الاهتمام المشترك بين مصر وأفريقيا في صياغة خطة تنفيذية خاصة بها لتحقيق هذه القضايا. ومما يجدر الإشارة إليه أن هناك وثيقة أخري تم أعدادها والموافقة عليها من جانب الأمم الأفريقية وتم توزيعها علي الجميع باعتبارها وثيقة مرجعية إرشادية يتم الاستعانة بها أثناء انعقاد قمة المعلومات. وسوف يضم الوفد المصري المشارك في القمة العالمية للمعلومات عدداً من أبرز المسئولين الحكوميين وعلي أعلي المستويات علاوة علي ممثلين للقطاع الخاص والمنظمات الأهلية وكل المشاركين والمساهمين الفاعلين الآخرين في مجال تنمية قطاع المعلومات.
أن المشاركة الرفيعة من كافة الوفود في مؤتمر القمة العالمية للمعلومات ومن كافة أنحاء العالم تبشر بنجاح عظيم لهذا المؤتمر علاوة علي أهمية النتائج المترتبة علي انعقاد هذه القمة لكل دول العالم. إن المشاركة الفعالة من كافة بلدان العالم النامي من أجل بلورة خطة تنفيذية عملية تهدف إلى تضييق الفجوة بينها وبين العالم المتقدم في مجال التكنولوجيا الرقمية ظلت تمثل لفترة طويلة عنصر أساسي في سبيل تحقيق مجتمع المعلومات العالمي المنشود. ولا شك أن كلا من العالم النامي والمتقدم يدرك تماماً أهمية تحقيق المساواة في الحصول علي كافة أدوات التكنولوجيا الجديدة اللازمة والأساسية في اقتصاد اليوم القائم علي المعلومات والاتصالات.
هذا ومن المنتظر أن تتبني المرحلة الأولي من القمة العالمية حول مجتمع المعلومات إعلان مبادئ وخطة تنفيذية تهدف إلى تسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خلق مجتمع معلومات عالمي يساعد علي تحسين أحوال البشر في كل مكان. وسوف يقوم أكثر من 50 رئيس دولة ينتظر مشاركتهم في القمة بتبني إعلان المبادئ والخطة التنفيذية المنشودة وهو ما يمثل إنجاز عالمي هائل غير مسبوق.
وثيقة مجتمع المعلومات المصري
كلمة الرئيس مبارك أمام منتدى الاتحاد الدولي للاتصالات ضمن فاعليات القمة العالمية لمجتمع المعلومات