وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
١٥ نوفمبر ٢٠٠٦
تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات: أداة تحفز للتنمية المجتمعية والاقتصادية بمصر

خلال السنوات الماضية، غيرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من رؤيتها في هذا الصدد، لتتحول من مجرد إنتاج تقنيات الاتصالات والمعلومات إلى الاستفادة منها في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

يشهد العالم بأسره في كل يوم تطورات متلاحقة ومبهرة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ولا تمثل مصر استثناءً من هذه الحقيقة. وإذا عدنا للوراء قليلاً لوجدنا أنه لم يكن هناك وجود لقطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بمصر منذ عقدين من الزمان، أما اليوم، فإن الدلائل تشير إلى التحول الكامل في هذا الوضع، وليس أدل على ذلك من التقدم المبهر الذي تحقق من خلال انتشار خدمات الهواتف الثابتة مصحوبة بسهولة الحصول على خطوط هذه الهواتف، إضافة إلى الزيادة السريعة في عدد مستخدمي الهاتف المحمول وفي معدلات الوصول إلى الإنترنت.

ولا شك أن الفضل في تأسيس قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ونموه في مصر يعود في جانب كبير منه إلى جهود وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي مضى على إنشائها أقل من سبع سنوات، إلا أنها استطاعت في هذه الفترة القصيرة أن تتصدر العمل الوطني في هذا المجال لتعبر بمصر إلى العصر الرقمي بخطى واثقة. وخلال السنوات الأربع الماضية، غيرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من رؤيتها في هذا الصدد، لتتحول من مجرد إنتاج تقنيات الاتصالات والمعلومات إلى الاستفادة منها في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وهكذا، يمكن القول بأن غالبية المبادرات التي أطلقتها الوزارة تهدف إلى تنمية المجتمع المصري، إلى جانب توسيع قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات على المستوى المحلي.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما هو مسجل من المعدلات المرتفعة للأمية والفقر في مصر، فضلاً عن غياب البينة التحتية اللازمة لتقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات في المناطق الأقل تطوراً، لعلمنا حجم الصعوبات التي تواجه الوزارة في تحقيق أهدافها. وقد سعت الوزارة إلى حل هذه المشكلات من خلال سلسلة من المشروعات والمبادرات التي تراعي خصوصية الحالة المصرية أملاً في الإسراع بعجلة التنمية في البلاد.

جاء على رأس أولويات الوزارة إتاحة وصول جميع المصريين لخدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وسعياً لتحقيق هذه الغاية، بذلت الوزارة جهوداً حثيثة تضمنت إطلاق عدد من المبادرات المختلفة، والتي من بينها مبادرة "حاسب لكل بيت" ومبادرة "الإنترنت المجاني"، إضافة إلى إنشاء أندية تكنولوجيا المعلومات في جميع أنحاء البلاد، حتى بات بإمكان الشرائح المحرومة، وتلك التي تقطن المناطق الريفية التي تنعدم بها البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، الحصول على أجهزة الكمبيوتر والوصول إلى الإنترنت، وذلك من خلال مشروع وحدة الإنترنت المتنقلة. كما ساعد إطلاق مبادرة الإنترنت فائق السرعة في مايو 2004 على زيادة معدلات الوصول للإنترنت من خلال الاعتماد على تقنية خط المشترك الرقمي غير المتماثل (ADSL) المتطورة، وإنشاء مواقع تعمل بتقنية الشبكة اللاسلكية بعيدة المدى (WiMax).

وإيماناً منها بأن الاستثمار في التعليم هو الحل الأكيد لأغلب العقبات التي تعيق التنمية المحلية، دخلت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تعاون وثيق مع وزارة التربية والتعليم تمثل في عدد من المشروعات الرامية إلى تسليح الطلاب بمهارات تكنولوجيا المعلومات لإعدادهم بما يتناسب ومتطلبات سوق العمل في الوقت الراهن.

وفي هذا الصدد، كانت مدرسة خديجة بنت خويلد الإعدادية بمحافظة الإسكندرية أولى المدارس الحكومية من حيث تزويدها بتقنية الإنترنت فائق السرعة لاسلكياً، وذلك في إطار مبادرة التعليم المصرية التي تهدف إلى تزويد 2000 مدرسة حكومية من المرحلة الإعدادية في 27 محافظة بالبنية التحتية التقنية وإمكانية الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة. جدير بالذكر أن المبادرة ليست ثمرة للشراكة بين القطاعين العام والخاص على المستوى المحلي فحسب، بل يدخل فيها أيضاً عدد من شركات تكنولوجيا المعلومات متعددة الجنسيات، إضافة إلى المانحين والمنتدى الاقتصادي العالمي.

وتعلق الدكتورة هدى بركة، مديرة برنامج مبادرة التعليم المصرية على ذلك قائلة " من خلال تنفيذ هذه الشراكة، ستتمكن الحكومة المصرية والشركات والمنظمات الأعضاء بالمنتدى الاقتصادي العالمي، من تمهيد الطريق أمام تحويل مجتمعنا إلى مجتمع قائم على المعرفة, فضلاً عن المساهمة في تحقيق التنمية والازدهار في مصر".

إن مبادرة التعليم المصرية هي ولا شك إحدى الخطط الهادفة إلى الارتقاء بقطاع التعليم، ذلك أن هناك عدداً من المبادرات الأخرى التي تصب في الصالح ذاته، كمبادرة شبكة المدارس الذكية التي تهدف إلى التأكد من إلمام جميع الطلاب المصريين بالمبادئ الأساسية لاستخدام الكمبيوتر قبل الانتهاء من المرحلة الإعدادية، وذلك من خلال تنظيم فصول المبادئ الأساسية لمهارات الكمبيوتر (لطلاب المرحلة الإعدادية). من جانبها، تلتزم الحكومة بتوسيع رقعة هذه المبادرة لتشمل 7.500 مدرسة إعدادية موزعة على جميع أرجاء البلاد من خلال خطة خمسية. وفي الوقت ذاته تعد المراكز التنافسية للتعلم الإلكتروني، التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مراكز مخصصة للمهتمين بالتعلم عن بعد.

ولا يقتصر اهتمام الوزارة على محو أمية الكمبيوتر، بل تسعى إلى محو الأمية على إطلاقها، وسعياً لتحقيق هذا الهدف، أطلقت الوزارة مبادرة تهدف إلى إنتاج قرص مدمج يتضمن المبادئ الأساسية للقراءة والكتابة. وهذا القرص التفاعلي البسيط من شأنه أن يمكن مستخدميه من تعلم حروف هجاء اللغة العربية وأصواتها، إضافة إلى كيفية نظم هذه الحروف في كلمات صحيحة ونطقها، على أن ذلك لا يتطلب سوى إدخال أساسي واحد للكمبيوتر (استخدام مسطرة المسافة، ومفاتيح الأسهم).

من جهة أخرى، توجد مشكلة أخرى يكابدها كثير من المصريين في حياتهم اليومية وتمثل بدورها عقبة في طريق الاستثمار، ألا وهي البيروقراطية الحكومية. وللتغلب على هذه العقبة، تم إطلاق مبادرة الحكومة الإلكترونية لتلبية احتياجات المجتمع ككل، ولعل أبرز الأهداف التي تسعى هذه المبادرة إلى تحقيقها يتمثل في تغيير طريقة التعامل والتفاعل بين المواطن والجهات الحكومية على نحو يتفق مع روح العصر وما طرأ عليه من تطور, وذلك من خلال تطبيق تقنيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على مختلف العمليات والإجراءات التي تتم داخل الوزارات والهيئات الحكومية، فضلاً عن الاعتماد عليها كوسيلة اتصال هامة تربط بين هذه الجهات الحكومية والمواطنين.

وقد سهلت الوزارة دمج تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في الخدمات الصحية، كما هي الحال في مجالي إدارة الرعاية الصحية والاستشارات الطبية، كما تعكف حالياً على تطوير التعليم الطبي في المناطق النائية والمحرومة من البلاد. ومن خلال العديد من التطبيقات الجديدة، سيحظى المرضى في مصر قريباً بالحصول على الاستشارات الطبية العالمية للحالات المرضية الخاصة، أضف إلى ذلك انخفاض تكاليف الرعاية الصحية نتيجةً للتطور الذي لحق بإدارة الحالات المرضية.

وفي معرض الحديث عن المبادرات، نجد أن الهدف الأساسي لمبادرة بوابة تنمية المجتمع يتمثل في مساعدة ودعم المجتمعات النامية لا سيما الريفية منها، وذلك من خلال فتح أبواب المعرفة والمعلومات أماها. وستعمل هذه المبادرة على ربط شبكة أندية تكنولوجيا المعلومات من خلال بوابة على شبكة الإنترنت تكون بمثابة نقطة مشتركة للوصول إلى المعلومات ذات الأهمية للمستخدمين. وبالإضافة إلى ما تقدمه البوابة من أخبار محلية وإقليمية، فإنها ستضم كذلك معلومات محلية خاصة بأندية التكنولوجيا في كل المناطق ، مثل فرص العمالة وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن إرشادات بشأن القروض الصغيرة وتمويل المشروعات متناهية الصغر. من جانبها ستقوم وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة – الفاو – بتقديم أخبار تتعلق بالأمن الغذائي، بما في ذلك معلومات حول القطاع الزراعي، وأسعار السوق، والتحذيرات المتعلقة بالطقس، إضافة إلى مادة تعليمية وخدمات استشارية. كما ستضم البوابة معلومات حول الخدمات الصحية بحيث تشمل موضوعات هامة مثل التعويض عن الإعاقة الحادثة أثناء العمل، وحملات التطعيم، وكيفية الوقاية من الأمراض المعدية (كالإيدز والعدوى بفيروسه، والسل، إلى آخر ذلك).

هذا، وقد امتدت مبادرات التنمية والتطوير التي نفذتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتشمل المجال الثقافي، والتي من بينها الخطة الطموحة لتوثيق تراث مصر الثقافي، والجهود المبذولة لزيادة إنتاج المحتوى العربي الإلكتروني باعتباره مصدراً للإلهام الفكري والثقافي للأجيال المقبلة. ولا شك أن زيادة حجم المحتوى الإلكتروني العربي وسهولة الوصول إليه سيمهدان الطريق لقيام قطاع مزدهر للمحتوى الإلكتروني بمصر في ظل الطلب المتزايد عليه، فضلاً عن إيجاد فرص تصديرية في المجال ذاته.

من جانب آخر، تأتي مبادرة المكتبة الإلكترونية لجيل مجتمع المعرفة كمشروع تنموي ثقافي آخر يهدف إلى تقديم "المعرفة للجميع" كما يتجلى من اسم المبادرة، والتي تهدف إلى إنشاء مكتبات إلكترونية وتأسيس آلية تتيح إمكانية جمع البيانات المتعلقة بالمجتمعات المحلية والتأكد من صحتها وتحديثها وتوفيرها للمواطنين في صيغة رقمية. وسعياً إلى تعظيم فوائدها، فإنه سيتم ربط هذه المبادرة ببرنامجي المدارس الذكية وأندية التكنولوجيا.

إن المبادرات السالف ذكرها لا تمثل كافة المشروعات التنموية التي تتبناها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بل هي جزء من جملة مبادرات تهدف إلى تقديم خدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ودفع عجلة التنمية للارتقاء بحياة المصريين جميعاً. لقد تمكنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أقل من عشر سنوات من تغيير موقع مصر على الخريطة التكنولوجية، ولا شك أن الجهود الرامية إلى دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية قد آتت ثمارها في وقت قصير.

سنرى الفلاحين عن قريب في المحافظات المترامية قادرين على القراءة والكتابة، ليس هذا فحسب، بل سنراهم يعتمدون على شبكة الإنترنت في الحصول على المعلومات المفيدة لزراعة أراضيهم، وسيخرج بذلك عن قريب جيلٌ مسلح بالمعرفة والإبداع تملؤه روح التنافس والأمل. وستؤتي جميع تلك المبادرات ثمارها قريباً، لا لتساعد مصر في تجاوز الفجوة الرقمية فحسب، بل لتباهي بمجتمع قادر على استيعاب الجديد في مجال الكمبيوتر ليحلق بسرعة في آفاق التنمية والتقدم.

حقوق الملكية© وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ١٩٩٩-٢٠٢٣ جميع الحقوق محفوظة.