٢٥ يونيو ٢٠٠٧
جهود مصرية مكثفة: وفد إلى كندا لتعزيز التعهيد

المصدر: صحيفة "أوتاوا بيزنس جورنال"

توجه وفد سياسي اقتصادي من مصر مؤخراً إلى العاصمة الكندية أوتاوا في جولة سريعة تفقد أعضاؤه خلالها مجتمع الأعمال بوسط كندا.

تأتي هذه الزيارة في إطار سعي العديد من البلدان النامية إلى توجيه اهتمام شركات تكنولوجيا المعلومات الكندية للدخول في شراكات مع شركات تعمل في المجال ذاته بتلك البلدان، مما يشكل نقلة نوعية صوب تطوير البنية التحتية للاتصالات والشبكات اللاسلكية بعيدة المدى (WIMAX) بالمنطقة، فضلاً عما قد تنطوي عليه تلك الشراكات من فرص للتعهيد.

وفي ظل هذا التزاحم على أبواب الشركات الكندية، يرى الخبراء الكنديون أن طلبات الوفد المصري جاءت في حدود مقبولة وكشفت عن إدراكٍ واعٍ من الجانب المصري للتطور الذي مرت به سياسة التعهيد على المستوى الدولي.

وفي معرض تعليقه على الحدث، أدلى الدكتور طارق كامل - وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات – بتصريح لصحيفة "أوتاوا بيزنس جورنال" (OBJ) – وهي صحيفة يومية متخصصة بالمال والأعمال – عقب انعقاد جلسة إعلامية مع مركز أوتاوا للبحوث والإبداع بحضور 150 مشاركاً، حيث جاء في تصريح سيادته إن "إحدى أهم النقاط التي نركز عليها تتمثل في الترويج لمصر لتكون محط أنظار الشركات الكندية لدى توسيع أنشطتها خارج كندا".

وأضاف سيادته قائلاً "إننا هنا اليوم لإظهار مدى التزام الحكومة وقطاع الأعمال المصريين بجهود التنمية والتطوير، لاسيما في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات".

كان الدكتور طارق كامل قد توجه على رأس وفد مكون من 70 عضواً إلى مونتريال ومنطقة تورنتو الكبرى وأوتاوا باعتبارها مركز أعمال وتطوير قطاع الاتصالات في كندا، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى اجتذاب الشركات الكندية لنقل خبراتها إلى القاهرة ومختلف المدن المصرية.

من جانبه، صرح السيد مايكل دارش - المدير التنفيذي للتسويق الدولي بمركز أوتاوا للبحوث والإبداع – قائلاً إن الهدف من زيارة الوفد المصري تمثلت في "تعريف الجهات الكندية المعنية بالتطور الهائل الذي تحقق في صناعة تكنولوجيا المعلومات بمصر التي تمثل بوابة العبور إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

تجدر الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين كندا ومصر يبلغ حالياً 500 مليون دولار أمريكي سنوياً، كما يعيش نحو 300 ألف مغترب مصري في كندا، الأمر الذي دعا الدكتور طارق كامل إلى أن يرى مستقبلاً واعداً ينطوي على "المزيد من الفرص والإمكانيات" بالنسبة للعلاقات التجارية بين البلدين.

وفي ذلك أضاف سيادته إن "قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر يحقق معدلات نمو مرتفعة للغاية"، ولا يضاهيه في ذلك سوى قطاع السياحة والإسكان.

علاوة على ذلك، حرص الدكتور طارق كامل على انتقاء عباراته لإزالة أي تردد يعتري رجال الأعمال الكنديين، مؤكداً حرص مصر على العمل بمبدأ سيادة القانون.

كما عدد سيادته مجالات الإصلاح الأخرى في البلاد كالإصلاح الضريبي والجمركي والمالي، فضلاً عن التحرر من الإجراءات الروتينية واتباع سياسة الخصخصة، حيث أفاد معقباً "إننا جادون في السعي لجذب الاستثمارات وبناء الشراكات".

من جانب آخر، أعرب السيد مايكل دارش عن دهشته وسعادته لمدى اطلاع الدكتور طارق كامل على النموذج المتغير للتعهيد على المستوى الدولي، حيث عقب على ذلك قائلاً: "أرى أننا استمعنا في الاجتماع الأول لكلمات صائبة واعية كما هو الحال في أي اجتماع يُقعد للمرة الأولى بين أطراف معنية، حيث كشف الاجتماع عن فرص قائمة بالفعل".

وأضاف قائلاً "لقد سبق لنا استقبال وفود من الهند والصين، ومن المؤكد أن الكثير من دول شرق أوروبا تتطلع إلى الأمر ذاته، بيد أنه يجدر بنا ألا ننسى موضع كندا من أعمال التعهيد، فهي من أكبر العاملين في هذا المجال على مستوى العالم. كما يفوت البعض أن في كندا شركات "جي جي آي" (GGI) وبتهيدز (bitHeads) وماكاداميان (Macadamian)، وكلها من أكبر مصادر التعهيد".

ويرى السيد مايكل دارش أنه لا مكان اليوم للتعهيد في صغار الأمور، فمن المؤكد أن الشركات باشرت نشاطها نظراً لوعيها بالنموذج المختلط في مباشرة الأعمال في العديد من البلدان (وهو ما يعرف بالتعهيد) إلى جانب وعيها بوجهة هذه الأعمال".

من جانبه قال الدكتور طارق كامل إن مصر لا تقصد تحويل الشركات عن وجهاتها التقليدية كالهند أو باكستان، وإنما نوه سيادته إلى أنه من المنطقي أن تنوع الشركات جهات التعهيد التي تتعامل معها، وأنه يمكن للشركات أن تحظى بنصيب من الأعمال في دولة عربية، الأمر الذي يعني ارتباط هذه الشركات بنحو 300 مليون عربي في مختلف أنحاء العالم قد يحتاجون يوماً إلى دعم البنية التحتية للاتصالات.

كما صرح سيادته قائلاً إن "صناعة التعهيد تشهد ازدهاراً كبيراً في هذه الآونة، ونحن نسعى للمشاركة في هذه المجال".

من جهة أخرى، شهدت اللقاءات التي أجراها الوفد المصري طرح أسئلة بشأن الاستقرار الاقتصادي والسياسي في مصر، حيث أعرب البعض عن مخاوفهم من ظهور "شبكة مغلقة من رجال الأعمال" في عالم المال والأعمال بمنطقة الشرق الأوسط. أضف إلى ذلك إجراء أول انتخابات رئاسية تعددية في البلاد منذ عامين فقط.

وفي معرض رده على هذه المخاوف، أفاد الدكتور طارق كامل بأن الكثير من الشركات الغربية قد وازنت بين المخاطر ورجحت لديها كفة استقرار السوق المصرية فدخلت فيها بقوة، وليس أدل على ذلك من وجود شركات عالمية تعمل على أرض مصر مثل مايكروسوفت وموتورولا وألكاتل وإريكسون ونورتل وفودافون. وأضاف أن معظم هذه الشركات تتخذ من القرية الذكية مقراً لها، وهي عبارة عن مشروع مخصص لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات يمتد على مساحة 450 فداناً ويضم الشركات المصرية الناشئة ومعاهد وكليات للدراسات فوق المتوسطة.

كما أضاف سيادته أن الشهور القادمة ستشهد تخرج نحو 250 ألف طالب يجيدون اللغة الإنجليزية.

علاوة على ذلك، أشار الوزير إلى أنه بإمكان بعض الطلاب اكتساب أي لغة يتطلبها سوق العمل فيما لا يزيد عن ستة أشهر، سواء كان ذلك نابعاً من احتياج الشركات لمطورين للمحتوى الإلكتروني أم لعاملين في مراكز اتصال.

وفي ذلك أضاف سيادته "إنني لا أدعي صلاحية كل هؤلاء الخريجين للعمل في السوق الدولية، لكن ثمة أمثلة قائمة على كفاءتهم ونجاحهم، ومن ذلك مركز الاتصال المتميز التابع لشركة فودافون والموجه للسوق الأسترالية، حيث يتحدث العاملون فيه باللهجة الأسترالية".

أما في شأن المخاوف الأمنية والإرهاب فقد أفاد بأنه لا داعي للقلق من هذا الجانب مطلقاً، ذلك أن "مصر كانت ولا تزال صوت الاعتدال على مدار السنوات العشر أو الخمس عشرة الماضية". كما أنه من المقرر أن تستضيف مصر مؤتمر قمة للسلام يجمع بين الأردن وإسرائيل وفلسطين هذا الأسبوع في ظل الانقسام والتخبط الذي تعانيه الحكومة في فلسطين، حيث أضاف سيادته إن "مصر تخلو من أي مخاوف أمنية، بل إنها البلد الأكثر أمناً في عموم الشرق الأوسط".

على صعيد آخر، صرح السيد مايكل دارش قائلاً: "أعتقد أن الاجتماع كان مثمراً للغاية حيث أتاح للوفد المصري معرفة الأسئلة التي تطرحها الأوساط الصناعية الكندية"، وهو ما نقله السيد مايكل في صورة تساؤل عما إذا كانت أوساط المال والأعمال في مصر تعتمد نظاماً مغلقاً يحتم على الداخلين فيه اكتساب عملاء ودفع أموال؟. لكن الجانب المصري – حسبما جاء على لسان السيد مايكل - "أوضح تماماً أن سوق الأعمال في مصر مفتوح ويرحب بالداخلين فيه، وأن الفرصة سانحة لدخول الشركات الكندية إليه، حيث طرح الجانب المصري ما لديه دون تردد إزاء الدخول في شراكة تعود بالنفع على الجانبين".

حقوق الملكية© وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ١٩٩٩-٢٠٢٣ جميع الحقوق محفوظة.