٣١ مارس ٢٠٠٤
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر: دعوة إلى الاستثمار

"لقد أصبح لدى مصر الآن كل مقومات النجاح في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من بنية تحتية أساسية حديثة، مع ما تنعم به مصر من موقع جغرافي متميز، فضلاً عن الالتزام القوي من قبل الحكومة بدعم مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووجود سوق آخذه في النهوض، وتوفر المناخ المشجع على الاستثمار، ولا يفوتني في هذا الصدد أن أركز على رصيدنا الحضاري الكبير والضخم الذي يمثل قيمة كبيرة في هذا المجال: ألا وهو الشعب."

فخامة الرئيس محمد حسني مبارك

"مصر واحدة من أسرع الدول التي تتعاون مع شركة مايكروسوفت نمواً؛ وذلك يدعوني أن أشارك العاملين في الشركة من المصريين الشعور بالفخر بهذا الإنجاز. وأتمنى أن تشهد القرية الذكية ما شهدته مايكروسوفت من ازدهار في مصر، فأمام هذه القرية فرصة جيدة لكي تصبح نجماً ساطعا في مجال التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا."

بيل جيتس، رئيس مجلس إدارة شركة مايكروسوفت

الاستثمار في المستقبل

تشهد مصر حالياً تحولاً كبيراً سيجعل منها محوراً رئيسيا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط. وتسعى الحكومة المصرية جاهدة من خلال انتهاج سياسة الأخذ بالمبادرة وتبني رؤية واضحة بعيدة المدى إلى جعل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من القطاعات الأساسية في الاقتصاد القومي وذلك بالمشاركة مع القطاع الخاص.

وفي سبيل ذلك، تعمل مصر على تسهيل الوصول إلى أسواق الخليج العربي والدول الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا ومنطقة جنوب الصحراء الأفريقية بل وأوروبا ، فضلاً عما تنعم به مصر من استقرار سياسي واقتصادي وانفتاحها على العالم ومناخها المشجع على الاستثمار، مما يجعلها موقعاً متميزاً لتأسيس أعمال طموحة على المستويين الإقليمي والعالمي، هذا وتعتبر مصر نقطة التقاء في عالم الاتصالات؛ حيث تستضيف على أرضها الكبل البحري SEA-ME-WE2؛ وهو أول كبل بحري في العالم يربط بين جنوب شرق آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

وعلاوة على ما سبق، تعتبر القاهرة العاصمة الثقافية للعالم العربي ومركزاً طبيعياً للإنتاج الإعلامي ومحتويات الإنترنت وبرامج الحاسب وغير ذلك من الخدمات المقدمة باللغة العربية، إذ يوجد في القاهرة مجموعة من أكبر بوابات الإنترنت في العالم العربي، مثل موقع MSN Arabia لمايكروسوفت، كما أنها تعد مدينة عالمية يتحدث معظم سكانها لغتين أو ثلاثة.

ويشهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مرحلة من النمو والازدهار من شأنها إضفاء مزيد من الديناميكية على الاقتصاد القومي، وقد أدى ذلك إلى ظهور عدد من الشركات ذات القدرة التنافسية العالمية مثل شركة أوراسكوم تليكوم [Orascom Telecom] المتخصصة في نظم اتصالات GSM وشركة راية القابضة [Raya Holdings] التي تعتبر مصدراً رئيسياً من مصادر تكنولوجيا المعلومات. كما ظهر جيل من الكوادر المصرية المتخصصة في هذا المجال نجح في تصدير خبرته للكثير من الدول المجاورة. وكان من نتائج ذلك أن وصلت صادرات مصر من تكنولوجيا المعلومات وحدها في عام 2002 إلى 100 مليون دولار أمريكي ومن المتوقع أن تصل إلى 500 مليون دولار بحلول عام 2007.

التشجيع على التحديث

في إطار حرصها الدائم على تشجيع الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، سعت مصر إلى تقديم مجموعة متنوعة من الحوافز الجديدة بهدف إنشاء سوق تكون أكثر قدرة من غيرها على المنافسة في المنطقة.

وتعمل الهيئة المصرية العامة للاستثمار والمناطق الحرة على توفير جميع احتياجات المستثمرين – المصريين أو الأجانب – في مكان واحد، وذلك من خلال ما توفره من تكامل بين جميع الجهات الإدارية المعينة على نحو يسهل على المستثمرين أعمالهم ويذلل ما قد يواجهونه من عقبات.

وعلاوة على ما سبق، تم وضع تشريعات جديدة من شأنها أن تزيد من قدرات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومن بين هذه التشريعات قانون حقوق الملكية الفكرية وقانون الاتصالات (الذي ينفذه جهاز تنظيم الاتصالات) وكذلك قانون التوقيع الإلكتروني، هذا بالإضافة إلى التشريعات التي ترتقي بإجراءات الأعمال المصرفية والعمالة إلى مستوى المعايير العالمية.

كذلك راعت الجهود المبذولة لتشجيع الاستثمارات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تقديم العديد من الحوافز لجذب الاستثمارات، من بينها توفير الأراضي بأسعار رمزية (دولار أمريكي للمتر المربع) وإعفاء المشروعات الاستثمارية الموجهة للتصدير من الضرائب لمدد تتراوح بين خمس وعشرة سنوات، كما تم توجيه الدورات التدريبية للمتخصصين في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يلبي احتياجات المستثمرين في هذا المجال.

وقد شهدت الآونة الأخيرة إقامة العديد من "المناطق الحرة" بهدف تقديم حوافز إضافية للشركات التي توجه إنتاجها للتصدير، وقد روعي أن تنتشر هذه المناطق الحرة في شتى أنحاء البلاد، ومن هذه المناطق المنطقة الحرة بمدينة نصر والتي تقع على مشارف القاهرة والمنطقة الحرة بمحافظة الإسماعيلية والتي تبعد 100 كيلو متر عن العاصمة، وقد نجحت جميع هذه المناطق في اجتذاب الشركات العاملة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إليها بفضل ما توفره من امتيازات وتسهيلات. كما شهدت الإسكندرية إقامة منطقة حرة افتراضية للاتصالات تقع عند بداية مسار كبلات الألياف البصرية البحرية التي تربط منطقة الشرق الأوسط بأوروبا، وتعتبر هذه المنطقة موقعا مثاليا لمراكز الاتصالات وتخزين البيانات وغير ذلك من الحلول المدعمة لمجال الاتصالات.

وقد تم في الآونة الأخيرة افتتاح مشروع القرية الذكية بالأهرام على مساحة 450 فدانا بهدف تحقيق زيادة في النمو في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ولقربها من القاهرة نجحت القرية في جذب العديد من الشركات العاملة في هذا المجال بما توفره من بنية أساسية حديثة، ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه القرية المملوكة لمجموعة من شركات القطاع الخاص قد نجحت في اجتذاب عدد من الشركات العالمية والكيانات الاقتصادية مثل شركة الكاتِل [Alcatel] وبورصة الأوراق المالية بالقاهرة والإسكندرية وشركة مايكروسوفت وشركة فودافون.

كما تستضيف هذه القرية مركز اتصالات Xceed التابع للشركة المصرية للاتصالات بطاقة 1200 وكيلاً لتوفير الخدمات. هذا ومن المتوقع أن توفر القرية الذكية ما يزيد على 30.000 فرصة عمل في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

الابتكار من خلال المشاركة بين القطاعين العام والخاص تسعى مصر جاهدة إلى الوصول إلى اتفاقيات شراكة مع مستثمرين دوليين لتطوير بيئة العمل اللازمة لمجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وتقوم الشركة المصرية للاتصالات، وهي الجهة الحكومية المسئولة عن تشغيل خدمات التليفون في البلاد، بتطبيق برنامج طموح لتحديث بنيتها الأساسية، الأمر الذي حقق نجاحاً ملحوظاً من خلال توصلها إلى اتفاقيات شراكة مع عدد من الشركات العالمية مثل إريكسون (Ericsson) وسيمينز (Siemens) وألكاتل (Alcatel). كما تشهد مصر حالياً فرصا متزايدة للمستثمرين في قطاع الاتصالات في سوق الخدمات التليفونية (سواء الثابتة أو المحمولة) وفي سوق الاتصال بالإنترنت وهو قطاع آخذ في النمو بمعدل سريع.

ومن المشروعات التنموية الطموحة الأخرى التي ترعاها الحكومة مشروع الحكومة الإلكترونية الذي تتبناه وزارة الاتصالات والمعلومات والذي يهدف إلى إيجاد تفاعل ذكي بين الحكومة والمواطنين والمستثمرين. ويستهدف هذا المشروع تسهيل تعاملات المواطنين مع الحكومة، فضلا عما يحققه من تمكين عملية نقل التكنولوجيا بين الشركات المصرية والأجنبية من خلال مشاركة الشركات الأجنبية فيما يتم تنفيذه من مشروعات.

وتسعى الهيئة القومية للبريد في ثوبها الجديد إلى توقيع اتفاقيات شراكة مع شركات من القطاع الخاص لتوسيع شبكة فروعها المنتشرة في أرجاء مصر، فضلاً عن محاولاتها الدءوبة لتحسين الخدمات التي تقدمها وابتكار خدمات جديدة. والمجال مفتوح أمام المستثمرين المهتمين بالتعاون مع الهيئة التي تعد واحدة من أوسع شبكات الخدمات في مصر لتطوير ما تقدمه من خدمات مثل نقل البريد للشركات والخدمات المالية والامتيازات وغير ذلك.

وقد صاغت الحكومة مجموعة من اتفاقيات الشراكة المبتكرة مع القطاع الخاص بهدف تحقيق قدر كبير من النمو في سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ولاشك أنه سيكون لهذه الاتفاقيات مردود كبير في تطوير مجتمع المعلومات الذي يشهد مرحلة من النمو السريع. وقد جمعت مبادرة الإنترنت المجاني بين الشركة المصرية للاتصالات ومائة وأربعين من الشركات العاملة في مجال تقديم خدمات الإنترنت في مصر بهدف توفير خدمة الدخول إلى الإنترنت للمواطنين مع اقتسام العائد بين هذه الشركات والشركة المصرية للاتصالات، وقد أدى ذلك إلى خفض تكلفة الدخول إلى شبكة الإنترنت في مصر وإلى زيادة معدلات زيارتها فضلا عن زيادة عدد المواقع المعربة عليها.

كما أطلقت وزارة الاتصالات والمعلومات مبادة حاسب لكل بيت بهدف خلق قاعدة عريضة من مستخدمي الحاسبات، وقد عهدت الوزارة للشركة المصرية للاتصالات بتنفيذ هذه المبادرة بالتعاون مع سبع عشرة شركة من شركات القطاع الخاص التي تعمل في مجال تصنيع الحاسبات، وتعد هذه المبادرة نموذجاً للمشاركة بين القطاعين العام والخاص، حيث تهدف إلى أن توفر لكل أسرة حاسباً مجهزا للدخول إلى الإنترنت بأسعار في متناول الجميع وبالتقسيط وبدون أية ضمانات أو رصيد في البنك، والضمان الوحيد هو أن يكون لدى الشخص خط تليفون ثابت. والواقع أن هذه المبادرة قد أدت إلى تشجيع صناعة تجميع أجهزة الحاسبات محلياً. وقد بيع حتى الآن ما يزيد على 44.000 حاسب في إطار هذه المبادرة، الأمر الذي انعكس بدوره على حدوث زيادة ملحوظة في عدد مستخدمي الحاسبات وزائري الإنترنت.

الكوادر البشرية المؤهلة

تستثمر مصر في قطاع التعليم جزءاً كبيراً من ميزانيتها، كما تحرص على تعريف الطلاب في المراحل العمرية المختلفة بالتكنولوجيات الحديثة، فالمدارس المصرية تخرج طلاباً من ذوي الكفاءات العالية في مجال علوم الحاسبات والهندسة، وتسعى الشركات في جميع أنحاء العالم جاهدة إلى استقطابهم للعمل معها، فمن المعروف أن المصريين المتخصصين في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على قدر كبير من الكفاءة والقدرة، وقد أثبتوا هذه الكفاءة في هذه المنطقة وفي مناطق أخرى في العالم.

وبالإضافة إلى ما سبق، حرصت مصر على الاستثمار في عملية التدريب المستمر للمتخصصين في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد برز هذا الحرص من خلال مركز اعتماد هندسة البرامج والذي يوفر الدعم اللازم لهذه الصناعة عن طريق الارتقاء بالمعايير وتحسين أساليب هندسة البرامج فضلاً عن الخدمات الاستشارية التي يؤديها للشركات الأجنبية العاملة في مجال تطوير البرامج.

دعوة للانضمام إلى ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر! توفر مصر حالياً إمكانيات غير مسبوقة لتشجيع الاستثمار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات – فهي سوق قوي ومزدهر لإفرازات هذا القطاع, فضلا عن تميز موقعها الجغرافي، إلى جانب تبنيها لفكر جديد وفرص كبيرة للنمو، وما تقدمه الحكومة من دعم ومساندة للاستثمارات. وهذه دعوة منها للجميع للمساعدة في السعي من أجل أن تصبح مصر مركزاً للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المنطقة في المستقبل.

حقوق الملكية© وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ١٩٩٩-٢٠٢٣ جميع الحقوق محفوظة.