الاتحاد الدولي للاتصالات، هو المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة والمعنية بشؤون الاتصالات في العالم. وقد مر الآن عشرة سنوات منذ آخر مرة تم فيها إقامة المعرض في القاهرة. ومنذ ذلك الحين شهد هذا القطاع الهام الكثير من المتغيرات على المستويين المحلي والدولي .
وهذا الحدث المرتقب الكبير، الذي يجمع بين الكثير من صانعي السياسات والمشرعين والشركات الإقليمية والدولية العاملة في هذا المجال، سواء على مستوى توفير خدمات الاتصالات أو تصنيع ما تحتاجه الاتصالات السلكية واللاسلكية من معدات، إنما يعتبر، على حد قول الدكتور طارق كامل مستشار وزير الاتصالات و المعلومات بمثابة منتدى لكافة العاملين في هذا القطاع أكثر من كونه مجرد معرض تجاري. ويضيف الدكتور طارق قائلا: إنه يمثل فرصة طيبة لمن يعملون في هذا القطاع كي يناقشوا "القضايا الهامة" التي تحظى بأكبر قدر من الاهتمام.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر الكثير من الموضوعات الهامة، من بينها قضايا الاستثمار والتمويل في قطاع الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات وأحدث التقنيات المستخدمة في هذا القطاع والاتجاهات المستقبلية في هذا المجال ونطاق التردد ذي الحيز الواسع والعمل على وضع تشريعات جديدة تستهدف تطوير هذا القطاع مع الحرص في ذات الوقت على التخلص من تلك التشريعات والنظم التي تعوق تطوره وإمكانية قيام مشروعات مشتركة في القارة الأفريقية تساهم فيها شركات متعددة الجنسيات.
ويتميز معرض تليكوم أفريقيا هذا العام بأنه مختلف تمام الاختلاف عن نظيره الذي أقيم في القاهرة في عام 1994. ذلك أن عالم تقنية المعلومات والاتصالات قد شهد قفزة هائلة على طريق التطور في العالم أجمع. فمنذ عشرة سنوات خلت، لم يكن ثمة ما يعرف الآن باسم تقنية المعلومات ولم يكن هناك تقريبا شيء يعرف باسم الإنترنت. أن التقنية على وجه العموم تخطو خطوات كبيرة نحو تحقيق المزيد من استخدامات شبكة الإنترنت.
وفيما يتعلق بمصر، على سبيل المثال، فقد خطت البلاد خطوات واسعة وقطعت شوطا كبيرا في مجال تطوير قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. فقد ارتفع عدد خطوط التليفون الثابتة من ثلاثة ملايين خط في عام 1994 إلى تسعة ملايين خط الآن، بينما ارتفع عدد المشتركين في خدمات التليفون المحمول إلى تسعة ملايين مشتركا بعد أن كانت هذه الخدمات لا وجود لها في بداية هذه الفترة. كما تتوفر في مصر قاعدة صلبة وقوية لخدمات الوصول إلى شبكة الإنترنت التي يستفيد بها نحو ثلاثة ملايين مستخدم. على أن هذا القدر الكبير من التقدم لم يكن له أن يتحقق إلا بفضل ما اضطلعت به الحكومة من مبادرات جدية وطموحة تضمنت، على سبيل المثال وليس الحصر، "مبادرة الإنترنت المجانية" ومبادرة "حاسب لكل بيت"، مما كان له أثره الإيجابي في الارتقاء بمستوى الوعي بأهمية تقنية المعلومات في البلاد.
ويرجع القدر الكبير من الأهمية التي يحظى بها معرض تليكوم أفريقيا إلى أن هذه القارة السمراء لا تزال على بداية طريق التطور في مجال تقنية المعلومات. فلا يزال معدل انتشار خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية منخفضا انخفاضا كبيرا مقارنة بالمعدل العالمي. وبالتالي فإن ثمة حاجة إلى توفير الكثير والكثير من قدرات الاتصالات عن طريق توفير المزيد من خدمات الاتصالات التليفونية الثابتة والمحمولة، جنبا إلى جنب مع خدمات الإنترنت. ويرى الدكتور طارق أن هذا السوق يوفر الكثير من الفرص التصديرية الهامة فيما يتعلق بتقديم كل من خدمات الاتصالات والمعرفة التقنية المرتبطة بها لشعوب القارة، وأن هذه الحدث الهام "إنما هو فرصة سانحة لمصر لتطوير قدراتها باعتبارها المحور الإقليمي لخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية وبوابة الدخول إلى أفريقيا والعالم العربي".
وهذا المعرض، الذي يشترك فيه نحو 2000 عارض من بينهم شركات عاملة في مجال تقديم خدمات الوصول إلى الإنترنت ومشغلو شبكات الاتصالات والجماعات التي تمثل مصالح المستخدمين، يتميز بعرض أحدث ما تم التوصل إليه من تقنيات وأحدث المنتجات والخدمات المرتبطة بهذا القطاع، بما في ذلك شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية والحلول المتعلقة بأجهزة الاتصالات المحمولة والإنترنت ونطاق التردد ذي الحيز الواسع وشبكات الاتصالات الحديثة من الجيل التالي والأقمار الصناعية وأجهزة الحاسب الآلي وبرامجه ومكوناته والأجهزة الملحقة به.
بل وسيتم أيضا عقد حلقة نقاش تحت اسم "الأولوية لأفريقيا" تتناول دراسة التحديات والفرص التي تشهدها المنطقة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وسيدرس المشاركون أفضل السياسات التي تعتبر أكثر من غيرها ملاءمة للتطبيق في المنطقة التي تتسم باتساع نطاق استخدام شبكات خدمات التليفونات المحمولة اتساعا كبيرا يفوق نطاق انتشار شبكات خطوط التليفونات الثابتة. وبالنظر إلى الافتقار إلى البنية الأساسية اللازمة لخطوط التليفونات الثابتة في أنحاء القارة الأفريقية، فسوف يتطرق هذه المنتدى إلى بحث ما إذا كانت تقنيات الاتصالات المحمولة واللاسلكية يمكن اعتبارها بدائل صالحة للأخذ بها في سبيل الارتقاء بمجتمع المعلومات في أفريقيا، وماهية تقنيات الاتصالات الأخرى التي يمكن الاستعانة بها لزيادة نطاق خدمات الوصول إلى الإنترنت بسرعة عالية. كذلك سيتضمن المنتدى عقد ورش عمل تتناول قضايا هامة مثل حوكمة الإنترنت، بمعنى مراقبة مستوى أداء القائمين على تقديم الخدمات المرتبطة بها، ومؤشرات مستوى الاستعداد الإلكتروني في الدول الأفريقية والمحتوى المحلى وتطوير البرمجيات.
ويعتبر هذا المنتدى أول ملتقى إقليمي حول تقنية المعلومات منذ القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي انعقدت في ديسمبر الماضي في مدينة جنيف بسويسرا. وسيبحث المنتدى مدى ما تم تحقيقه من تقدم على طريق تنفيذ إعلان المبادئ وخطة العمل الصادرين عن القمة المذكورة فيما يتعلق "بجدول أعمال التكافل الرقمي"، فضلا عن بحث الخطوات الواجب اتخاذها قبل حلول دور الانعقاد الثاني للقمة العالمية لمجتمع المعلومات في عام 2005 في تونس.
ومن المقرر أن يتم إطلاق العديد من المبادرات أثناء انعقاد معرض تليكوم أفريقيا 2004. ومن بين هذه المبادرات مبادرة الانترنت فائق السرعة التي ستطلقها مصر والتي تهدف إلى الارتقاء بمستوى خدمات الوصول إلى الإنترنت بسرعة عالية. ويعلق الدكتور طارق في هذا الصدد، قائلا: "إن العالم لا يأخذ فقط بعدد المشتركين في الإنترنت بعين الاعتبار، وإنما يضع عدد المشتركين في نطاق التردد ذي الحيز الواسع أيضا في الحسبان. وسوف يتم في المعرض أيضا كشف النقاب عن عدد من المبادرات على المستوى الإفريقي، بما في ذلك مبادرة ترمي إلى زيادة إمكانيات الوصول إلى نطاق التردد ذي الحيز الواسع في الدول الإفريقية، وأخرى تهدف إلى ربط الدول الإفريقية بشكل فعال من خلال نقاط تبادل خدمات الإنترنت. ولن يغيب عن المعرض بحث تطبيقات التعلم الإلكتروني أيضا.
ومن المقرر أن يجري على هامش المؤتمر والمعرض تنظيم عدد من الأحداث الهامة الأخرى مثل: عقد منتدى للشباب تحت اسم "الوصول إلى أفريقيا" يحضره نحو مائة من الطلبة الجامعين من مختلف أرجاء القارة ليشاركوا بآرائهم ووجهات نظرهم على نحو يؤدي إلى زيادة الوعي بأهمية قطاع تقنية المعلومات والاتصالات.
وتتزامن مع انعقاد معرض تليكوم أفريقيا 2004 تلك المبادرة التي تقوم بها وزارة الاتصالات والمعلومات المصرية بالتعاون مع المعهد القومي للاتصالات السلكية واللاسلكية والتي تهدف إلى تنفيذ برنامج تدريبي لمحترفي تقنية المعلومات والاتصالات الوافدين من الدول الأفريقية. والغرض من البرنامج هو تنمية مهارات تقنية المعلومات والاتصالات لدى الموظفين والفنيين العاملين بالجهات الحكومية. وسيتم تقديم 25 منحة دراسية لأفراد من 15 دولة أفريقية في إطار هذه المبادرة.